فصل: تفسير الآية رقم (12):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التسهيل لعلوم التنزيل



.تفسير الآية رقم (12):

{إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12)}
{فاخلع نَعْلَيْكَ} قيل: إنما أمر بخلع نعليه، لأنهما كانتا من جلد حمار ميت، فأمر بخلع النجاسة، واختار ابن عطية أن يكون أمر بخلعهما ليتأدب، ويعظم البقعة المباركة ويتواضع في مقام مناجاة الله وهذا أحسن {بالواد المقدس} أي المطهر {طُوًى} في معناه قولان: أحدهما أنه اسم للوادي، وإعرابه على هذا بدل، ويجوز تنوينه على أنه مكان، وترك صرفه على أنه بقعة، والثاني: أن معناه مرتين، فإعرابه على هذا مصدر: أي قدس الوادي مرة بعد مرة، أو نودي موسى مرة بعد مرة.

.تفسير الآية رقم (14):

{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)}
{وَأَقِمِ الصلاة لذكري} قيل: المعنى لتذكرني فيها، وقيل: لأذكرك بها، فالمصدر على الأول مضاف للمفعول، وعلى الثاني مضاف للفاعل، وقيل: معنى لذكري: عند ذكري كقوله: {أَقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ الشمس} [الإسراء: 178] أي عند دلوك الشمس، وهذا أرجح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم استدل بالآية: على وجوب الصلاة على الناسي إذا ذكرها.

.تفسير الآية رقم (15):

{إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15)}
{أَكَادُ أُخْفِيهَا} اضطرب الناس في معناه، فقيل أخفيها بمعنى أظهرها، وأخفيت هذا من الأضداد.
وقال ابن عطية: هذا قول مختل، وذلك أن المعروف في اللغة أن يقال: أخفى بالألف من الإخفاء، وخفي بغير ألف بمعنى أظهر، فلو كان بمعنى الظهور لقال: أخفيها بفتح همزة المضارع، وقد قرئ بذلك من الشاذ، وقال الزمخشري: قد جاء في بعض اللغات أخفى بمعنى خفي: أي أظهر، فلا يكون هذا القول مختلاً على هذه اللغة، وقيل: أكاد بمعنى أريد، فالمعنى أريد أخفائها وقيل: إن المعنى إن الساعة آتية أكاد، وتم هنا الكلام بمعنى أكاد أنفذها لقربها، ثم استأنف الإخبار فقال أخفيها، وقيل: المعنى أكاد أخفيها عن نفسي فكيف عنكم، وهذه الأقوال ضعيفة، وإنما الصحيح أن المعنى أن الله أَبْهم وقت الساعة فلم يطلع عليه أحداً، حتى أنه كاد أن يخفي وقوعها لإبهام وقتها، ولكنه لم يخفها إذا أخبر بوقوعها، فالأخفى على معناه المعروف في اللغة، وكاد على معناها من مقاربة الشيء دون وقوعه وهذا المعنى هو اختيار المحققين {لتجزى} يتعلق بآتية {بِمَا تسعى} أي بما تعمل.

.تفسير الآية رقم (16):

{فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16)}
{فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا} الضيمر للساعة: أي لا يصدنك عن الإيمان بها والاستعداد لها، وقيل الضمير للصلاة وهو بعيد، والخطاب لموسى عليه السلام، وقيل: لمحمد صلى الله عليه وسلم وذلك بعيد {فتردى} معناه تهلك، والردى هو الهلاك وهذا الفعل منصوب في جواب: لا يصدّنك.

.تفسير الآية رقم (17):

{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17)}
{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى} إنما سأله ليريه عظيم ما يفعله في العصا من قلبها حية، فمعنى السؤال تقرير أنها عصا؛ فيتبين له الفرق بين حالها قبل أن يقلبها، وبعد أن قلبها، وقيل: إنما سأله ليؤنسه ويبسطه بالكلام.

.تفسير الآية رقم (18):

{قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18)}
{وَأَهُشُّ بِهَا على غَنَمِي} معناه أضرب بها الشجر لينتشر الورق للغنم {مَآرِبُ} أي حوائج.

.تفسير الآيات (20- 21):

{فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21)}
{حَيَّةٌ تسعى} أي تمشي {سِيَرتَهَا الأولى} يعني أنه لما أخذها عادت كما كانت أول مرة، وانتصب {سِيَرتَهَا} على أنه ظرف أو مفعول بإسقاط حرف الجر.

.تفسير الآية رقم (22):

{وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (22)}
{واضمم يَدَكَ إلى جَنَاحِكَ} الجناح هنا الجنب أي تحت الإبط، وهو استعارة من جناح الطائر {تَخْرُجْ بَيْضَآءَ} روي أن يده خرجت وهي بيضاء كالشمس {مِنْ غَيْرِ سواء} يريد من غير برص ولا عاهة.

.تفسير الآية رقم (23):

{لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (23)}
{لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الكبرى} يحتمل أن تكون {الكبرى} مفعول {لِنُرِيَكَ}، وأن تكون صفة للآيات ويختلف المعنى على ذلك.

.تفسير الآيات (25- 27):

{قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27)}
{اشرح لِي صَدْرِي} إن قيل: لم قال {اشرح لِي} {وَيَسِّرْ لي}، مع أن المعنى يصح دون قوله: {لي}؟ فالجواب: أن ذلك تأكيد وتحقيق للرغبة {واحلل عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي} العقدة هي التي اعترته بالجمرة حين جعلها في فيه وهو صغير، حين أراد فرعون أن يجرّبه، وإنما قال: {عُقْدَةً} بالتنكير لأنه طلب حلَّ بعضها ليفقهوا قوله، ولم يطلب الفصاحة الكاملة.

.تفسير الآية رقم (29):

{وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29)}
{وَزِيراً} أي معيناً، وإعراب هارون بدل أو مفعول أول.

.تفسير الآية رقم (31):

{اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31)}
{أَزْرِي} أي ظهري والمراد القوة ومنه: فآزره أي قوّاه.

.تفسير الآية رقم (36):

{قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36)}
{قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ} أي قد أعطيناك كل ما طلبت من الأشياء المذكورة.

.تفسير الآية رقم (38):

{إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38)}
{إِذْ أَوْحَيْنَآ إلى أُمِّكَ} يحتمل أن يكون وحي كلام بواسطة ملك، أو وحي إلهام كقوله: {وأوحى رَبُّكَ إلى النحل} [النحل: 67] {مَا يوحى} إبهام يراد به تعظيم الأمر.

.تفسير الآية رقم (39):

{أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39)}
{أَنِ اقذفيه فِي التابوت فاقذفيه فِي اليم} الضمير الأول لموسى، والثاني للتابوت أو لموسى {اليم} البحر، والمراد به هنا النيل، وكان فرعون قد ذُكر له أن هلاكه وخراب ملكه على يد غلام من بني إسرائيل، فأمر بذبح كل ولد ذكر يولد لهم، فأوحى الله إلى أم موسى أن تلقيه في التابوت وتلقي التابوت في البحر ففعلت ذلك، وكان فرعون في موضع يشرف على النيل، فرأى التابوت فأمر به فسيق، إليه وامرأته معه ففتحه فأشفقت عليه امرأته، وطلب أن تتخذه ولداً فأباح لها ذلك {يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ} هو فرعون {مَحَبَّةً مِّنِّي} أي أحببتك، وقيل: أراد محبة الناس فيه إذ كان لا يراه أحد إلا أحبه، وقيل: أراد محبة امرأة فرعون ورحمتها له، وقوله: {مِّنِّي}: يحتمل أن يتعلق بقوله: {وَأَلْقَيْتُ}، أو يكون صفة لمحبة فيتعلق بمحذوف {وَلِتُصْنَعَ على عيني} أي تربي ويحسن إليك بمرأى مني وحفظ، والعامل في {وَلِتُصْنَعَ} محذوف.

.تفسير الآية رقم (40):

{إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40)}
{إِذْ تمشي أُخْتُكَ} العامل في إذ تصنع أو ألقيت، أو فعل مضمر تقديره ومننا عليك {فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ على مَن يَكْفُلُهُ} كان لا يقبل ثدي امرأة فطلبوا له مرضعة، فقالت أخته ذلك ليرد إلى أمه {وَقَتَلْتَ نَفْساً} يعني القبطي الذي وكزه فقضى عليه {فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الغم} يعني الخوف من أن يطلب بثأر المقتول {وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً} أي اختبرناك اختباراً حتى ظهر منك أنك تصلح للنبوة والرسالة، وقيل: خلصناك من محنة بعد محنة، لأن خلصه من الذبح ثم من البحر، ثم من القصاص بالقتل، والفتون: يحتمل أن يكون مصدراً أو جمع فتنة {فَلَبِثْتَ سِنِينَ} يعني الأعوام العشرة التي استأجره فيها شعيب {جِئْتَ على قَدَرٍ} أي بميقات محدود قدره الله لنبوتك.

.تفسير الآية رقم (41):

{وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)}
{واصطنعتك لِنَفْسِي} عبارة عن الكرامة والتقريب أي استخلصتك وجعلتك موضع صنيعتي وإحساني.

.تفسير الآية رقم (42):

{اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42)}
{وَلاَ تَنِيَا} أي لا تضعفا ولا تقصرا، والوني هو الضعف عن الأمور والتقصير فيها.

.تفسير الآية رقم (45):

{قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45)}
{أَن يَفْرُطَ} أي يعمل بالشر.

.تفسير الآية رقم (47):

{فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47)}
{فَأَرْسِلْ مَعَنَا بني إِسْرَائِيلَ} أي سرحهم، وكانوا تحت يد فرعون وقومه، وكانت رسالة موسى إلى فرعون بالإيمان بالله وتسريح بني إسرائيل {وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ} كان يعذبهم بذبح أبنائهم وتسخيرهم في خدمته وإذلالهم.
{قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ} يعني قلب العصا حية وإخراج اليد بيضاء، وإنما وحدَّهما وهما آيتان، لأنه أراد إقامة البرهان وهو معنى واحد، {والسلام على مَنِ اتبع الهدى} يحتمل أن يريد التحية أو السلامة.

.تفسير الآية رقم (49):

{قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49)}
{قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا ياموسى} أفرد موسى بالنداء بعد جمعه مع أخيه، لأنه الأصل في النبوة وأخوة تابع له.

.تفسير الآية رقم (50):

{قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)}
{الذي أعطى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ} المعنى أن الله أعطى خلْقه كل شيء يحتاجون إليه، فخلقه على هذا بمعنى المخلوقين، وإعرابه مفعول أول، وكل شيء مفعول ثان، وقيل: المعنى أعطى كل شيء خلقته وصورته: أي أكمل ذلك وأتقنه، فالخلق على هذا بمعنى الخلقة وإعرابه مفعول ثان، وكل شيء مفعول أول والمعنى الأول أحسن {ثُمَّ هدى} أي هدى خلقه إلى التوصل لما أعطاهم، وعلمهم كيف ينتفعون به.

.تفسير الآيات (51- 52):

{قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52)}
{قَالَ فَمَا بَالُ القرون الأولى} يحتمل أن يكون سؤاله عن القرون الأولى محاجة ومناقضة لموسى: أي ما بالها لم تبعث كما يزعم موسى؟ أو ما بالها لم تكن على دين موسى أو ما بالها كذبت ولم يصبها عذاب كما زعم موسى في قوله: {أَنَّ العذاب على مَن كَذَّبَ وتولى} [طه: 48]، ويحتمل أن يكون قال ذلك قطعاً للكلام الأول، ورَوَغاناً عنه وحيرة لما رأى أنه مغلوب بالحجة ولذلك أضرب موسى عن الكلام في شأنها، فقال {عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي}، ثم عاد إلى وصف الله رجوعاً إلى الكلام الأول {فِي كِتَابٍ} يعني اللوح المحفوظ.

.تفسير الآية رقم (53):

{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53)}
{الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض مَهْداً} أي فراشاً، وانظر كيف وصف موسى ربه تعالى بأوصاف لا يمكن فرعون أن يتصف بها، لا على وجه الحقيقة ولا على وجه المجاز، ولو قال له هو القادر أو الرازق وشبه ذلك لأمكن فرعون أن يغالطه ويدعي ذلك لنفسه {وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً} أي نهج لكم فيها طرقاً تمشون فيها {فَأَخْرَجْنَا} يحتمل أن يكون من كلام موسى على تقدير يقول الله عز وجل {فَأَخْرَجْنَا}، ويحتمل أن يكون كلام موسى ثم عند قوله: {وَأَنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً} ثم ابتدأ كلام الله.
{فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شتى} أي أصنافاً مختلفة.

.تفسير الآية رقم (54):

{كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (54)}
{كُلُواْ وارعوا أَنْعَامَكُمْ} المعنى أنها تصلح لأن تؤكل وترعاها الأنعام، وعبر عن ذلك بصيغة الأمر؛ لأنه أذن في ذلك فكأنه أمر به {لأُوْلِي النهى} أي العقول واحدها نهية.

.تفسير الآية رقم (55):

{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55)}
{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} الضمير للأرض يريد خلقه آدم من تراب {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} يعني بالدفن عند الموت {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ} يعني عند البعث.

.تفسير الآية رقم (56):

{وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (56)}
{أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا} يعني الآيات التي رآها فرعون وهي تسع آيات، وليس يريد جميع آيات الله على العموم، فالإضافة في قوله: {آيَاتِنَا} تجري مجرى التعريف بالعهد: أي آياتنا التي أعطينا موسى كلها، وإنما أضافها الله إلى نفسه تشريفاً.

.تفسير الآيات (58- 59):

{فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59)}
{فاجعل بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً} يحتمل أن يكون الموعد اسم مصدر أو اسم زمان أو اسم مكان، ويدل على أنه اسم مكان قوله: {مَكَاناً سُوًى}، ولكن يضعف بقوله: {مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزينة}، لأنه أجاب بظرف الزمان، ويدل على أن الموعد اسم زمان قوله: {يَوْمُ الزينة} ولكن يضعفه بقوله: {مَكَاناً سُوًى}. ويدل على أنه اسم مصدر بمعنى الوعد قوله: {لاَّ نُخْلِفُهُ} لأن الإخلاف إنما يوصف به الوعد لا الزمان ولا المكان. ولكن يضعف ذلك بقوله: {مَكَاناً} وبقوله: {يَوْمُ الزينة}، فلابد على كل وجه من تأويل أو إضمار، ويختلف إعراب قوله: مكاناً باختلاف تلك الوجوه. فأما إن كان الموعد اسم مكان فيكون قوله: {مَوْعِداً} و{مَكَاناً} مفعولين لقوله: {فاجعل}، ويطابقه قوله: {يَوْمُ الزينة} من طريق المعنى، لا من طريق اللفظ، وذلك أن الاجتماع في المكان يقتضي الزمان ضرورة، وإن كان الموعد اسم زمان فينتصب قوله: {مَكَاناً} على أنه ظرف زمان، والتقدير: موعداً كائناً في مكان وإن كان الموعد اسم مصدر فينتصب {مَكَاناً} على أنه مفعول بالمصدر وهو الموعد، أو بفعل من معناه، ويطابقه قوله: {يَوْمُ الزينة} على حذف مضاف تقديره موعدكم وعد يوم الزينة، وقرأ الحسن يوم الزينة بالنصب وذلك يطابق أن يكون الموعد اسم مصدر من غير تقدير محذوف {مَكَاناً سُوًى} معناه: مستو في القرب منا ومنكم، وقيل: معناه مستوي الأرض ليس فيه انخفاض ولا ارتفاع، وقرئ بكسر السين وضمها، والمعنى متفق {يَوْمُ الزينة} يوم عيد لهم وقيل يوم عاشوراء {وَأَن يُحْشَرَ} عطف على الزينة، فهو في موضع خفض أو على اليوم فهو في موضع رفع وقصد موسى أن يكون موعدكم عند اجتماع الناس على رؤوس الأشهاد لتظهر معجزته ويستبين الحق للناس.